18.1 C
بنغازي
2024-04-25
مقالات رأي

تحديات الأمن الإقليمي للمنطقة الأوروبية المتوسطية

تحديات الأمن الإقليمي للمنطقة الأوروبية المتوسطية - 3

بقلم: د. يوسف الفارسي -متخصص شؤون الأمن القومي في البحر المتوسط

بالرغم من المبادرات الأمنية المطروحة على مستوى دول المتوسط سواء على مستوى الخطاب الدبلوماسي وحتى على مستوى الواقع الفعلي لأليات واستراتيجيات مواجهة ومكافحة التهديدات الأمنية سواء ذات الأبعاد الإقليمية كالإرهاب والهجرة غير الشرعية إلا أن علاقات التعاون مازالت مستبعدة خاصة من ظل احتمال نشوء مناطق إقليمية على أسس أمنية أي المصلحة الأمنية المشتركة تدفع بالأطراف المتجاورة نحو التعاون والسبب وجود مجموعة من التحديات.

وبما أن لكل دولة مصالح قومية فمن الصعب جدا الدخول في تجمعات قومية إقليمية أو مبادرات دون وجود اختلافات في ترتيب الأولويات بالرغم من الاشتراك في بعض المصالح وهذا ما تجسد على مستوى الدول الأوروبية فسعي فرنسا لبناء تكتل أوروبي متوسطي يشمل الست( فرنسا – إيطاليا – إسبانيا – البرتغال – اليونان -قبرص) إلى جانب الدول المغاربية الخمسة تعتبر محاولة من جانبها لبناء نفوذ سياسي – اقتصادي قوي داخل الاتحاد الأوروبي بزعامة فرنسا في مواجهة أوروبا الألمانية الأطلنطية فألمانيا بعد توحد شطريها أصبحت قوة ديمغرافية صناعية هائلة في قلب اوروبا وقوة لا يستهان بها بواقع 83 مليون الماني ينتجون 21.4% من الناتج القومي الإجمالي للاتحاد الأوروبي لتصبح العاصمة الاقتصادية الأولى للاتحاد الأوروبي متجاوزة فرنسا وهذا ما يقلق فرنسا قلقا عميقا ويستدل على التنافس بين فرنسا وألمانيا الخلاف الحاد حول سعر الأورو بين طرف يصر على التدخل للمحافظة على سعر مناسب للأورو في مواجهة الدولار والين مما يتيح زيادة الصادرات الأوروبية إلى السوق العالمية وبين ألمانيا مصرة على أنه لا يجوز التدخل في السياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي.

إن فكر التنافس الأوروبي بين فرنسا وألمانيا تعرقل التعاون الأمني بين دول الضفتين ( شمال المتوسط وجنوب المتوسط) حيث كثيرا ما تتحفظ برلين على مشروع الاتحاد من أجل المتوسط كألية مقترحة لمواجهة التهديدات الأمنية الجديدة الذي يمثل ازدواجية خطيرة مع مشاريع الاتحاد الاوروبي للشراكة الاورومتوسطية هذا من ناحية وتهديدا لوضع فرنسا باعتبارها أكبر شريك تجاري مع شمال إفريقيا من ناحية أخرى إذ ترى ألمانيا أنه من الأفضل مواصلة استيعاب دول وسط وشرق أوروبا التي قبلت بالإصلاحات السياسية والاقتصادية بدلا من تشتيت الجهود والأموال في جنوب المتوسط الذي يرفض الالتزام بالإصلاحات وفقا للمعايير الأوروبية بل إن أطرافا أوروبية أخرى من بينها بريطانيا تشاطر ألمانيا تحفظاتها فدول أوروبا ترحب بالشراكة مع دول الجنوب لكنها لا ترى إمكانية الدخول معها في اتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي نظرا للهوة الاقتصادية الهائلة بين الشمال والجنوب.

تم نشره بمركز الدراسات السياسية لشؤون الشرق الأوسط مقره الولايات المتحدة الامريكية