ليبيا-العنوان
كشفت صحيفة “غلوب أن ميل” الكندية، عن غسيل الأموال في كندا، ونشرت تحقيقا مطولا حول ثروات رئيس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية السابق في ليبيا علي دبيبة وكيف أصبحت كندا ملاذا لغسيل الأموال.
وقال التحقيق أن ثروات الدبيبة في كندا الذي بات من حاملي جنسيتها وذلك على حساب إقامة مشاريع البنية التحتية في ليبيا التي يبدوا أن الرجل يتحمل جزءا مهماً من مسؤولية تعطيلها أو عدم إقامتها رغم منح كافة التسهيلات له لتنفيذها لصالح البلاد، بحسب التحقيق.
وأكد الصحفيين الاستقصائيين الكنديين المسؤولين عن التحقيق أنهم اطلعوا على وثائق كونوا على أساسها تحقيقهم على الأصول الكندية التي يملكها علي إبراهيم الدبيبة في كندا والتي باتت محل تحقيق جنائي في ليبيا، وفقا للمحققين والوثائق التي حصلت عليها الصحيفة الكندية.
وقال التحقيق إن “غولدن سكوير مايل” كان الحي التاريخي بوسط مدينة مونتريال يومًا ما واحدًا من الأحياء الأكثر ثراءً في كندا، ويضم قصور فيكتوريا ومطاعم راقية ومحلات تجارية فاخرة، ولا تزال المنطقة تبعث على بقايا حياة المدينة.
وأضاف التحقيق أن علي الدبيبة يمتلك شقتين في مجمع ” Les Résidences Mont-Royal ” وهو مبنى يقع فوق مركز تسوق راقي في المنطقة وتصل قيمة الشقتين مجتمعةً أكثر من 1.6 مليون دولار وهي ليس كل بل فقط بعض الأصول التي جمعها الدبيبة في كندا منذ كان يشغل منصبه كرئيس لجهاز تطوير وتنمية المراكز الادارية الذي بات مقروناً باسمه.
وأشار التحقيق إلى أن ممتلكات الدبيبة وأعماله واستثماراته بكندا باتت محل تحقيق جنائي في ليبيا، حيث يشتبه اختلاسه الأموال العامة، وغسيل الأموال، وإساءة استخدام منصب رسمي، ودفع مبالغ غير مشروعة، وتحقيق أرباح غير مشروعة، وفقاً للمحققين، والمستندات التي حصلت عليها الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة الكندية أن الدبيبة أصبح مواطناً كندياً أثناء إدارة وكالة حكومية ليبية، وهو من بين عدد من المسؤولين السابقين المطلوبين بتهم نهب مليارات الدولارات من الخزائن العامة وتنبع هذه الادعاءات، التي لم تثبت بعد في المحكمة، وعندما كان رئيساً لجهاز تنمية المراكز الإدارية المتعاقدة على إقامة البنية التحتية في ليبيا، عمل الجهاز مع العديد من الشركات بما في ذلك شركة هندسية مقرها مونتريال وهي “إس إن سي لافالين”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ومن عام 1989 وحتى 2011، مُنح جهاز الدبيبة أكثر من 3 آلاف عقد بقيمة 45.4 مليار دينار ليبي (43.4 مليار دولار)، وفقا لتقرير محاسبي من الحكومة الليبية والمحققين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين للتحدث إلى وسائل الإعلام، ويزعم أن الدبيبة قد قام بالتحايل على هذه العقود وتوجيه الأعمال إلى الشركات التي يملكها أو التي ينتمي إليها.
ورجح المحققون أن الدبيبة تحصل على مبالغ غير عادية لنفسه وشركائه بما يعادل 3.37 مليار دولار – بينما يخفي مبالغ كبيرة في بلدان أخرى، بما في ذلك كندا، وفي بعض الحالات يغسلها من خلال البنوك الكندية والشركات والعقارات حيث تتحفظ الشرطة هناك عن الإفصاح عن ما إذا كانت قد وضعتها محل تحقيق أم لا.
وأكد التحقيق أن الدبيبة استغل برنامج هجرة غير موثوق به للحصول على جواز سفر كندي، على الرغم من عدم وجود أي دليل على أنه عمل في كندا، إلا أنه يبدو لا يزال يستخدم جنسيته كل ما كان مناسبًا له ذلك – حيث أُشير إليها مؤخرًا في عام 2016 عندما كان يحاول السيطرة على شركة اسكتلندية.
وأوضحت الصحيفة أن ليبيا طلبت مساعدة كندا بشأن ملف الدبيبة وفي مارس 2015، كتب فتحي البعجة، سفير ليبيا السابق لدى كندا، إلى وزارة الشؤون الخارجية الكندية تطالب المسؤولين بعرقلة تجديد جواز سفر الدبيبة الذي كان من المقرر أن تنتهي صلاحيته في 5 يوليو 2015 ولأن العديد من البلدان لا تحتاج إلى تأشيرات دخول للكنديين، فإن الرسالة تقول بأن المعني يمكنه استخدام جواز السفر للتهرب من العدالة.
وأشار التحقيق إلى أن الدبيبة يخضع للتحقيق في اسكتلندا للاشتباه في قيامه بغسل الأموال حيث تجري الشرطة هناك حاليًا تحقيقاً في هذه القضية وقال المفتش العام المخبر جيم روبرتسون من وحدة الجرائم الاقتصادية والتحقيقات المالية في بيان: “هذا تحقيق مباشر وبموجب أحكام قانون احتقار المحكمة في اسكتلندا، فسيكون من غير المناسب تقديم أي تعليقات أخرى حول الموضوع في هذا الوقت”.
وأشار التحقيق إلى التحريات الليبية والأسكتلندية تأتي في الوقت الذي تقوم فيه كندا بتعديل تشريعاتها الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفي عام 2016، وجدت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيأة حكومية دولية، أن تحركات الأموال عبر الحدود نادرا ما يتم تحليلها من جانب سلطات إنفاذ القانون، وخلصت إلى أن كندا تكافح من أجل كشف الفساد وغسل الأموال عن طريق العقارات.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الحقيقة قد ساعد في تفسير سبب اختيار الدبيبة لهذا البلد كملاذ لأمواله في المقام الأول منذ عام 1993 حيث تعاقد مع شركة الهجرة المحدودة التي تتخذ من مونتريال مقراً لها، وكتب أنه كان ينوي “الهجرة إلى كندا كرجل أعمال”، وقد قدر قيمة أصوله الشخصية بأكثر من 500 ألف دولار، ولكنه اعترف في مراسلات لاحقة بأنه لم يذهب إلى كندا من قبل.
ووصف التحقيق خطته للهجرة بأنه مشروع استثماري كندي من قبل شريكه أحمد لملوم، وهو ليبي آخر يُزعم بأنه مارس الاحتيال على جهاز تطوير المراكز الادارية في ليبيا إلى جانب الدبيبة ليتضح بأن الرجلان خططا للاستفادة من برنامج المستثمر الفيدرالي المهاجر في كندا، من خلال الاستثمار في ما بين 150،000 دولار و 250،000 دولار تُمكن المهاجرين الأثرياء من الحصول على طريقة سريعة للحصول على الجنسية الكندية.
وأوضح التحقيق أن الدبيبة ولملوم قاما بتحويل مبلغ 250،000 دولار إلى شركة ألبرتا انترناشونال كابيتال ومقرها مدينة كالجاري ووافقت الحكومة على طلبهما كمستثمرين مهاجرين وقد تم الاحتفاظ بالأموال في حساب الضمان في فرع البنك الوطني الكندي في ساسكاتون، مع مراعاة فترة الإقفال لمدة خمس سنوات لبرنامج المستثمر.
وأشار التحقيق إلى أن البرنامج ينص على أن تستخدم شركة AIC في النهاية الأموال للاستثمار في مشاريع مثل فندق راديسون بلازا في كالجاري، وشركة إنفينيتي ريسورسز انترناشونال، وشركة هارد روك كافيه في بانف وفي وقت لاحق، قام الدابيبة ولملوم بتحويل الفوائد المكتسبة من استثماراتهما الكندية إلى حساباتهما في مصرف كريدي سويس في جنيف.
وأضاف التحقيق أن الدبيبة في طلب الهجرة الخاص به كتب بأنه كان لديه 615، 825 دولارا في صناديق أخرى قابلة للتحويل تحت تصرفه وأدرج في طلبه عائلته وأولهم خ.م الدبيبة وهي زوجته وخمسة أطفال.
وأشار التحقيق إلى أن الدبيبة يجيد اللغة الإنجليزية وكان يصف مهنته بـ “مستشار للأعمال ” لدى Nuvest Consultancy Ltd ، وهو المنصب الذي كان يشغله منذ عام 1991، إضافة إلى كونه المدير العام لجهاز تطوير المراكز وكانت كلتا الوظيفتين في مصراتة وذكر بأن أرباحه الشهرية الإجمالية بمبلغ 16100 دولار.
وفي أوائل عام 1994، أشار المسؤولون في السفارة الكندية بالقاهرة إلى أوجه القصور في طلب الدبيبة حيث كان تاريخ ميلاده وعنوانه السكني الكامل في ليبيا ما أدى الى رفض طلبه أخيراً في أغسطس من ذلك العام.
ومن ثم تلقى الدبيبة من السكرتير الثاني للسفارة هذه الرسالة: “في رأيي، أنت لا تلبي هذا التعريف للمستثمر لأنك لم تقم بتشغيل أو إدارة أعمال ناجحة، أنا غير مقتنع “.
كما شكك مسؤول السفارة في مصدر ثروة الدبيبة وفقاً للوثائق التي قالت الصحيفة أنها طالعتها وأضاف قائلاً له في ذات الرسالة :”وفقاً لإقراراتك في المقابلة ، فقد تراكمت ثروتك الشخصية من خلال أرباح الرواتب ومعظم العمولات التي حصلت عليها عندما وافقت على عقود جهاز تطوير المراكز الادارية إلى ثلاثة ملايين دولار على مدى السنوات الخمس الماضية واعتبر أيضا انه من غير المقبول اعتبارك كمتقدم مستقل أو لأسباب إنسانية”.
وأكد التحقيق بأن مستشارو الدبيبة وعند فشلهم في محاولاتهم مع دائرة الهجرة في مونتريال وكذلك في إقناع السفارة بالقاهرة لإعادة النظر في قرارها، كتبت سيندي كالفيرت اقتراحا لتقديم طلب منقح إلى المفوضية الكندية العليا في لندن.
وكتبت في 8 نوفمبر 1994 : “سيكون من الجيد أيضا الحصول على رسائل توظيف جديدة، مع تسليط الضوء مرة أخرى على الواجبات الإدارية علماً أن اللجنة العليا ستكون على علم بطلبه السابق المرفوض:.
وقد أشرفت كالفرت على مراجعة رسائل التوظيف الخاصة به لصالح جهاز تطوير المراكز و Nuvest وشركة ثالثة تدعى Fabulon Investments Ltd ومقرها في قبرص.
وأوضحت الصحيفة أنها عندما تواصلت هاتفيا مع كالفيرت قالت أنها لا تتذكر دبيبة وأن وظيفتها هي التأكد من أن الأوراق الخاصة بالعملاء كانت في محلها وأضافت: “كان لدى كل شخص فحص في الخلفية الجنائية قامت به الحكومة الكندية، فبالنسبة لي بصفتي مستشاراً، كان أي شخص شرعياً تماماً ولم يكن لدي أي فكرة عن أي عملاء لديهم أي نوع من الارتباط مع النظام السابق في ليبيا”.
ورأت الصحيفة أن ثمة تناقضات غريبة في أجزاء من ملف الدبيبة ومنها على سبيل المثال، كان هناك على الأقل توقيعين مختلفين في صفة العمل بشركة فابولون، وكلاهما يزعم أنه موقّع من قبل مسؤول في شركة في 16 نوفمبر 1995. وأشار أحدهما إليه على أنه “المدير الإداري” ويداوم يومياً لإدارة شؤون الشركة، بينما قال الآخر إنه مدير “لا يشارك فعليًا في إدارة المكتب إلا يومًا بعد يوم”.
كما قام الدبيبة بتغييرات أخرى في طلبه الثاني – بما في ذلك تهجئة اسمه. في حين أن طلبه الأول ذكر أن اسمه الكامل هو علي إبراهيم الدبيبة ، فقد عرف نفسه هذه المرة فقط باسم علي إبراهيم دبيبة وقدم عنوانًا في قبرص، وليس ليبيا، كموطن دائم له، بالإضافة إلى منزله الثاني وعنوانه في لندن، وهو نفس العنوان الذي استخدمه لملوم.
وأشار التحقيق إلى أن الوثائق الجديدة التي قدمها في طلب الحصول على الجنسية والجواز كان لها التأثير المطلوب حيث منحته اللجنة العليا في لندن تأشيرة هجرة بتاريخ 8 أغسطس ، 1996 رفقة جميع معاليه الأصليين ( أسرته وأبنائه ) بما فيهم ابنة حديثة الولادة وقد أدرجوا جميعاً كأفراد العائلة المرافقين له، ولكن حتى بعد حصوله على تأشيرة دخوله وبعدها على جواز سفره الكندي، وأصل الدبيبة العمل على رأس جهاز تطوير المراكز الادارية.
وقال التحقيق بأنه وفي عام 2012 أعلن المجلس الانتقالي المؤقت في ليبيا أن معمر القذافي كان يجمد أصول وممتلكات 338 مسؤولًا سابقًا، وكيانات حكومية وشركات مرتبطة بالدولة وكان كل من علي إبراهيم الدبيبة وجهاز المراكز مدرجين في تلك القائمة ومنذ ذلك الحين، قامت الحكومة الليبية بمراجعة حسابات الجهاز وقضت السنوات المتعاقبة في محاولة لاسترداد الثروة المسروقة.
ومن جهة أخرى، تحدثت الصحيفة عما وصفتها بمزاعم أخرى عن أن الدبيبة قد اتهم بأخذ عمولات ضخمة عن طريق عقود شركات تعاقدت مع جهاز تطوير المراكز الإدارية كما أنه منح بعض الأعمال التجارية الحكومية إلى ما لا يقل عن تسع شركات يملكها أو يسيطر عليها أو ينتسب إليها – أي انه كان يمنح أموال تنفيذ مشروعات الدولة الى نفسه بطريقة أو بأخرى.
وكشف التحقيق بأن اثنتان من تلك الشركات استقرت في كندا وهما شركة Weylands International Trading Inc وشركة Silver Arrow International Trading Inc.
كما تم تسجيل خمس أخرى في قبرص وهي Fabulon و Nuvest و Midcon Trading Ltd. و Olexo Ltd. و Murhead Trading Ltd بالإضافة إلى اثنتين في إمارة ليختنشتاين وهي مؤسسة Transinfo وشركة النجمة الذهبية للتجارة.
وأكدت الصحيفة الكندية بأنها تمكنت من التعرف على الصلات التجارية بين الجهاز والشركات التسع في مجموعة من الوثائق الداخلية، بما في ذلك الإيصالات والفواتير والعقود والبيانات المصرفية التي تمكنت من الحصول عليها بما يصل الى 1000 صفحة وتظهر الوثائق عشرات الملايين من الدولارات التي كانت تختلط بين جهاز الدبيية والوكالات والشركات الخاصة التي كان يسيطر عليها أو التي ينتمي إليها.
ونشرت الصحيفة ملخصاً عن مستند هو عبارة إيصالات مؤرخة في 30 ديسمبر 1998، تُظهر قيام كل من شركات ” Fabulon ، Murhead ، Midcon ، Transinfo و Global Business Network Ltd ” وهي شركة منفصلة بتقديم مدفوعات إلى الدبيبة على أنها تشحن البضائع إلى جهاز تطوير المراكز بقيمة 6.45 مليون جنيه إسترليني (11.34 مليون دولار). وتم تسعير السلع الأخرى بعملات مختلفة، بما في ذلك الفرنك الألماني والسويسري، والليتاس الليتواني، والغيلدرون الهولندي.
وأضافت الصحيفة أن الجهاز أدرج اخطارات خطابات الاعتماد لشبكة الأعمال العالمية و Fabulon ، و Murhead ، و Golden Star بعملات مختلفة أما الشريك التجاري للدبيبة أحمد لملوم الذي توفي في عام 2014 فقد لعب دور رئيسي في مخططهم للاكتفاء الذاتي من أموال الدولة وفقا لما ذكره المحققون الليبيون وشخص متقدم ببلاغ تحدث أيضا للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب المخاوف على سلامته الشخصية، وتشير إحدى المراسلات مع بنك كريدي سويس في جنيف إلى أن لملوم كان لديه توكيل خاص للتوقيع نيابة عن الدبيبة في حساباته المصرفية وغيرها من الوثائق.
وكذلك شركة “ويلز ” ومقرها مونتريال هي شركة عقارية كانت تستخدم في السابق من قبل أحمد لملوم المسجل كرئيس لها والدبيبة كنائب له ولا يزال يديرها أفراد من عائلة لملوم وهي الأخرى قامت بأعمال تجارية مع جهاز تطوير المراكز الإدارية ومع ذلك، لم تكن بعض السلع المفوترة مرتبطة بالعقارات المفترض بأنه الغرض المعلن للشركة.
ونشرت الصحيفة ملخصاً لفاتورة مؤرخة في 12 مارس 1997 كمخصصات لتوريد معدات طبية لمستشفى مصراتة بقيمة 140،962 دولار أمريكي، وكانت هناك فواتير أخرى لشحنات الإطارات بقيمة 500 528 دولار من دولارات الولايات المتحدة و 505 250 دولار وقالت أن لديها فواتير أخرى بشأن توريد أثاث بقيمة مئات الآلاف من الدولارات.
وأكدت الصحيفة بأن الوثائق التي حصلت عليها تؤكد بأن المال والعقود كانا يتحركان ذهابًا وإيابًا بين بعض الشركات التسعة المرتبطة بالدبيبة حيث كان واحد من العقود لشركة قبرصية تدفع لشركة وييلاندز سنوياً مبلغ 120،000 دولار أمريكي مع عقود أخرى تنص على أن وييلاندر ستشتري السلع لفابولون وتعزيز مصالحها في جميع أنحاء العالم وجميعها شركات مرتبطة بالدبيبة.
وفي إحدى المعاملات، قدمت شركة Transinfo التي تتخذ من ليختنشتاين مقراً لها 900000 دولار إلى لملوم والدبيبة لشراء العقار رقم 1224 بشارع ستانلي في مدينة مونتريال والذي يضم المقر الرئيسي لشركة وييلاندر، بالإضافة إلى قرض قيمته 1.4 مليون دولار لشراء عقار آخر في غرب المدينة.
وقالت الصحيفة أن عدد من البنوك الدولية والمحلية قامت بتسهيل صفقات كبيرة نيابة عن الدبيبة أو لملوم أو شركاتهم وفي بعض الحالات ، تم تحويل مدفوعات كبيرة إلى أو من حسابات العملاء الموجودة في البنوك، بما في ذلك بنوك كريديت بنك السويسري او رويال بنك الكندي وفي حالات أخرى ، كانت لدى البنوك الكندية الرئيسية علاقات مصرفية ومراسلات مع المقرضين العالميين.
وأضاف التحقيق إلى أن على الرغم من أن العمل المصرفي مربح من ناحية الحوالات، إلا أنه محفوف بالمخاطر ويتعامل فيه الطرف الثالث الذي ييسر معاملة مصرفية مع عميل مؤسسة مالية أخرى باعتماد ضوابط مكافحة غسل الأموال التي يتبعها البنك لمنع النشاط غير المشروع وبما أن ملايين هذه المعاملات تتم معالجتها كل يوم، فإنها تخلق نقاط تمويه للمصارف وسلطات مكافحة غسل الأموال حول العالم.
وتظهر الوثائق التي تم جمعها من المحققين الليبيين، بحسب تحقيق الصحيفة أن الأموال غالبًا ما تتدفق إلى كندا من حسابات البنوك السويسرية وكانت هناك أيضا صفقات كبيرة للعملات الأجنبية، بما في ذلك شراء أكثر من 3 ملايين مارك ألماني (2.37 مليون دولار) وبيع 2.8 مليون دولار. وفي نفس اليوم ، أودع الدبيية 1.5 مليون مارك ألماني في حساب كريديت سويس التابع لشركة Transinfo.
وأكد التحقيق أن مبالغ كبيرة من المال تتنقل بين الحسابات المختلفة في غضون 24 ساعة غالبا ما تكون إشارة لنشاط مشبوه ومع ذلك ، لا يوجد أي دليل على أن أي اشارات حمراء قد أثيرت على هذه المعاملات أو عشرات الملايين من الدولارات التي تحققت منذ ذلك الحين حول الشركات المرتبطة بالدبيبة حيث حدد المحققون العاملون في القضية ما لا يقل عن 16 حساباً مصرفياً شخصياً باسم الأخير في بنوك في قبرص وكندا وأماكن أخرى بالإضافة إلى حسابات تجارية مختلفة.
وأشار التحقيق وبحسب الوثائق إلى أن الدبيبة كان لديه حساب توفيري شخصي لدى رويال بنك أوف كندا في مونتريال وحسابات الأعمال الخاصة بشركة “سيلفر آرو” وويلاندز في نفس الفرع ، ولم يعلق رويال بنك على الحالة الحالية لتلك الحسابات. لكن الوثائق تظهر أن شركة ويلاندز لا تزال في مجال الأعمال ويبدو أن الحساب الخاص بها لازال نشط منذ عام 2008.
وأضافت الصحيفة أنه في الوقت نفسه تظهر البيانات المصرفية الخاصة بالدبيبة مع كريدي سويس بنك بأنه تلقى مدفوعات كبيرة من شركة فابولون وشبكة غلوبال بزنيس نتوورك في العقد الأول من القرن الحالي.
وتابع التحقيق “كان الكثير من هذا ممكنا لأن الدبيبة كانت لديه سيطرة واسعة النطاق في جهاز تطوير المرافق الادارية بصفته رئيساً عاماً له ويدير ويشرف على أنشطة الجهاز بأكملهابينما يمارس السلطة المالية الكاملة على أعلى مستوى بمكان عمله بالإضافة إلى ذلك، كان مسؤولاً عن تقديم التوصيات بشأن التعاقدات مع الشركات بما مكنه من التعاقد مع نفسه عبر شركات عدة”.
وأشار التحقيق إلى أن ديوان المحاسبة الليبي الذي أجرى تحقيقاً عام 2012 حول جهاز الدبيبة وجد أن معظم هذه العقود قد مُنحت من خلال التعاقد المباشر دون أي مناقصة عامة كما وجد عن مراجعة الحسابات أن الجهاز قدم سلفة للعقود التي لم تنفذ وكانت تمنح أحيانا لأكثر من عقد واحد لنفس المشروع وتستخدم 23 حساب مصرفي مختلف، 11 منها بالعملات الأجنبية.
كما أشار التحقيق إلى أن ما بحوزتها من وثائق تثبت مثلاً أن شركة SNC Lavalin حصلت على عدد من مشاريع البنية التحتية رفيعة المستوى في ليبيا بما في ذلك مطار بينينا الدولي في بنغازي ومشروع متعلق بالنهر الصناعي ومشروع بناء مؤسسة اصلاح عن طريق جهاز الدبيبة ليتضح بأن الشركة محسوبة عليه.
وقد عينت شرطة الجمارك الكندية جهاز الدبيبة كواحد من الكيانات “التي زُعم أنها دفعت رشى أو احتالت مع شركة SNC Lavalin من أجل ضمان بعض عقود الهندسة والبناء في ليبيا ما بين 2001 و 2011″. وقالت المتحدثة باسم الشرطة ستيفاني دومولين في بيان أرسلته للصحيفة بالبريد الإلكتروني : “لم يتم التحقيق مع الدبيبة أو مشاركته فيه”.
وفي رسالته إلى أوتاوا عام 2015 ، كان السفير الليبي لدى كندا فتحي البعجة صريحًا حيث كتب أن الدبيبة واثنان من أبنائه وأخيه، يوسف إبراهيم الدبيبة، مواطنان ليبيان متهمان بارتكاب جرائم بحق الأموال العامة والاختلاس وغسل الأموال ما يضر بالاقتصاد الوطني بالإضافة إلى إساءة استخدام المنصب الرسمي ، ودفع مبالغ وجني أرباح غير مشروعة.
وقال التحقيق بأن البعجة نقل إلى المسؤولين الكنديين أن وكالة الشرطة الدولية (الإنتربول) قد أصدرت إخطاراً أحمر في عام 2014 لتيسير اعتقال الدبيبة وفي ضوء كل ذلك كتب إلى أوتاوا ليحذر من أن تجديد جواز سفر الدبيبة سيعطي انطباعا خاطئا وصورة سلبية عن كندا.
وأكد التحقيق أن كندا تلقت بالفعل إخطارا بشأن تجديد جواز سفر الدبيبة قبل حوالي شهر من خطاب البعحة فيما وجه محقق يعمل في ليبيا تحذيرًا لمسؤول في وزارة الشؤون الخارجية قال فيها : ” الدبيبة لم يسبق أن عاش في كندا ؛ في الواقع و قبل يناير 2011 لم يغادر ليبيا لفترة طويلة”.
وفي رسالة إلكترونية أخرى لذات المحقق مؤرخة بتاريخ 5 فبراير 2015 قال المحقق: “الدبيبة مشتكى عليه في ليبيا ونعتقد أنه ينبغي إلغاء جواز سفره الكندي هل يمكنك تقديم المشورة حول هذا الإجراء؟”.
ورداً على رسالة المحقق، أجاب شوفالوي ماجومدار المستشار السياسي في ذلك الوقت لوزير الشؤون الخارجية الكندي قائلاً : “اتضح أنك تتحدث عن شيء ما. أحتاج إلى معلومات قابلة للتحقيق، بسرعة ، إذا أردنا التأكد من عدم حصول الدبيبة وأقاربه على جوازات سفر جديدة، سأطلب من المسؤولين الكنديين الاتصال بك – ولكن أرسلوا لي ما يمكن في أسرع وقت ممكن”.
أما دائرة الهجرة واللاجئين في كندا رفضت التعليق على حالة جواز سفر السيد الدبيبة حاليا عن ما إذا كان سارياً أم لا بدعوى قوانين الخصوصية.
وقد حذرت ليبيا كندا والمملكة المتحدة وجزر فرجن البريطانية ومالطا وسيشيل من أن الدبيبة وأسرته يمكن أن يستخدموا “ثرواتهم غير المشروعة” لتمويل المليشيات غير الشرعية في ليبيا وهي البلد الذي الغارق بالفوضى منذ سبع سنوات وتقف على حافة أن تصبح دولة فاشلة، بحسب تحقيق الصحيفة الكندية.
وتابعت الصحيفة أنه في غضون ذلك، تواصل شرطة اسكتلندا تحقيقاتها بشأن الدبيبة وتهمة غسل الأموال عن طريق العقارات وفي أبريل ، ذكرت صحيفة صنداي تايمز أنه يمتلك 14 شقة في أدنبرة وجلاسكو بقيمة لا تقل عن 3.2 مليون جنيه إسترليني. وقالت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إنه لم يتم توجيه اتهام أو إدانة للدبيبة بعد في المملكة المتحدة.
ونوهت الصحيفة إلى حصولها على نسخ من تقارير المعاملات المشبوهة لحسابات مجموعة Global Business Network International Group ، المعروفة سابقًا باسم Fabulon ، والتي تم إرسالها إلى سلطات مكافحة غسل الأموال في قبرص والإمارات العربية المتحدة في عام 2016 حيث التحقيقات أيضاً حول ثروات الدبيبة ولم تستجب المجموعة لطلب الحصول على تعليق من الصحيفة بالخصوص .
وأشارت الصحيفة أن الدبيبة البالغ من العمر الآن 72 عاماً لم يرد أيضاً على الطلبات المتعددة التي ارسلتها له للتعليق على التحقيقات الليبية والأسكتلندية أو تعاملاته التجارية مع شركة SNC-Lavalin. كما تم رفض استلام رسالتين مرسلتين من الصحيفة بالبريد إلى شركائه في مونتريال حيث تم إعادة توجيه إحداها إلى عنوانه في إسطنبول لسبب غير محدد.
وبالنسبة للرسائل التي قالت الصحيفة أنها أرسلتها إلى عناوينه في لندن ومصراتة فلم تتلقى عليها أي إجابة وقالت: “في الواقع، فإن معظم المسؤولين الحكوميين والمحققين، وكذلك الشركات التابعة للسيد الدبيبة كانت غير راغبة أو ممتنعة عن مناقشة قضيته أو تعاملاته التجارية وأشار بعضهم إلى قواعد السرية أو الطبيعة المستمرة للتحقيقات”.
واعتبرت الصحيفة بأنه إذا كان المقصود من أن تكون كندا كخطة لخروج الدبيبة في حال أصبحت الأمور صعبة في ليبيا، فليس هناك ما يدل على أنه يعيش أو يعمل فيها على الرغم من أنه يستمر في دفع ضرائبه العقارية في مونتريال ، فقد حصل على قرض بقيمة 600،000 دولار على أحد أجنحته وتم إصدار هذا القرض في عام 2016 .
وتشير المستندات الخاصة به إلى أنه وزوجته يقيمون في أحد العناوين في لندن ، ولكن يبدو أن هذا العنوان هو عنوان عمل تجاري وعندما زار أحد مراسلي الصحيفة هذا العنوان في مايو الماضي لم يكن الدبيبة موجوداً فيه لكن سكرتيرة بالمكان أكدت أنه مقر عمله ولم تستطع القول متى سيعود.
وعندما زار مراسل آخر من الصحيفة مقر إقامة الدبيبة في مونتريال بوقت سابق من هذا العام ، قال حارس المبنى إنه لم يكن هنا أي من الدبيبة أو أقارب لملوم الذين بقوا على قيد الحياة. وعندما سُئل الحارس عن عدد المرات التي كانوا فيها في المدينة، أجاب : “لا أستطع أن أخبركم بذلك”.
واختمت الصحيفة تحقيقها قائلة: “يبدو أن الرجل الذي أصبح مواطنًا كنديًا بشكل غامض قد يكون شخصاً على الورق فقط “.
فيما يلي المستندات الخاصة بالتحقيق الذي نشرته الصحيفة الكندية: