18.1 C
بنغازي
2024-04-19
أخبار ليبيا

(المقابلة بالكامل) لـ “اندبندنت عربية”.. القائد العام: سندخل طرابلس عاجلا وليس آجلا

(المقابلة بالكامل) لـ “اندبندنت عربية”.. القائد العام: سندخل طرابلس عاجلا وليس آجلا - 44550240 2217498821824242 1917716955091959808 n

الرجمة-العنوان

أكد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، المشير خليفة حفتر ، الاثنين” أنه يحارب وفق خطة عسكرية دقيقة تضع في أولوياتها سلامة المواطنين من سكان العاصمة ومنشآت المدينة ومرافقها.

صحيفة العنوان تحصلت على النص الكامل لمقابلة “اندبندنت عربية” مع القائد العام للقوات المسلحة وفيما يلي نص المقابلة:

أوضح القائد العام أن طرابلس مدينة يقطنها أكثر من مليوني نسمة، “وتمكّنت منها مجموعات إرهابية حين كان الجيش يخوض معاركه ضد الإرهاب في بنغازي على مدى أربع سنوات، إضافةً إلى معارك تحرير درنة والموانئ النفطية ووسط البلاد والجنوب”. وأضاف “استطاعت هذه المجموعات خلال سنوات أن تكدّس كميات كبيرة من السلاح بمختلف أنواعه خلال سنوات عدّة، وتتلقّى دعماً خارجياً لا يتوقف من دول داعمة للإرهاب، وينفق عليها ما يُسمى بالمجلس الرئاسي المليارات من خزينة المال العام، واستغلت مرافق مدنية حوّلتها إلى مخازن للذخيرة داخل الأحياء السكنية من أجل الحيلولة دون قصفها. إضافة إلى ذلك، ظهرت مجموعات مسلحة أخرى ميليشياوية وانتشرت في كامل أرجاء المدينة وهي التي تصدر الأوامر للمجلس الرئاسي لتوفير المال والسلاح لها. علاوة على ذلك، استجلب المجلس الرئاسي، المرتزقة بالآلاف وينفق عليها مئات الملايين لتحارب في صفوف الميليشيات. ولكي نجنّب المدينة الدمار ونضمن عدم تعرض سكانها للأذى، كان لا بد من استدراج كل هذه المجموعات خارج العاصمة، وقد نجحنا في ذلك وألحقنا بها خسائر فادحة، وهي الآن تحتضر”.

دخول طرابلس

وتابع حفتر “وكان بمقدورنا وبكل بساطة، أن تدخل قواتنا إلى قلب العاصمة بعملية اقتحام كاسح بالأسلحة الثقيلة والقوة المفرطة وتنتهي العمليات العسكرية خلال فترة قصيرة، لكن ذلك لا يحقّق الهدف النبيل الذي نعمل من أجله، وسيكون ثمنه أرواح ودماء الأبرياء من سكان العاصمة التي نحرص عليها ونعمل على حمايتها. وسيلحق بمنشآت المدينة أضراراً فادحة. وما نقوم به هو دفاع عن طرابلس وليس هجوماً عليها. المجموعات الإرهابية والميليشياوية هي التي هاجمت طرابلس وسيطرت على مناحي الحياة فيها ونالت من كرامة سكانها، عندما كان الجيش الوطني منشغلاً في محاربة الإرهاب في مواقع أخرى. هذه حقائق لا يمكن إنكارها، نذكرها الآن وسيحفظها التاريخ. واليوم حان موعدنا مع تحرير طرابلس”.

السؤال الأهم هو: هل سيحسم الجيش الوطني المعركة؟ والإجابة هي نعم، لا شك في ذلك. وسندخل العاصمة فاتحين بإذن الله، عاجلاً وليس آجلاً. وهل كانت هذه المعركة واجبة؟ والإجابة نعم أيضاً، ولا شك في ذلك، حاولنا تجنبها بشتى السبل، ولكن المجرمين الذين سيطروا على العاصمة وخدمهم من العملاء، رفضوا منطق السلام وطريقه واختاروا الحرب. وعن الانجازات العسكرية على الارض يقول المشير خليفة حفتر إن “ما حقّقه الجيش الوطني الليبي منذ انطلاق عملية الكرامة يُعد معجزة بكل المقاييس على الرغم من الظروف القاسية التي واجهها، وانتصر في جميع المعارك التي خاضها، وهو الآن يحصر الإرهابيين في زاوية ضيقة، ويطبق عليهم الخناق من كل جانب. حرّر بنغازي ودرنة والموانئ والحقول النفطية وهزم “داعش” و”القاعدة” وكل التنظيمات الإرهابية التي استوطنت في ليبيا وظنت أنها تمكّنت من البلاد، واتّسعت دائرة سيطرته حتى شملت وسط البلاد وأقاصي الجنوب. ومن حيث الواقع الجغرافي، الجيش قد دخل العاصمة منذ فترة ويقاتل الإرهابيين والميليشيات داخلها من عين زارة إلى بن غشير إلى طريق المطار، وصولاً إلى الفرناج وصلاح الدين”.

مَن يحارب الجيش الوطني في طرابلس؟

يتابع المشير حفتر “يمكن تصنيف هؤلاء الذين يحاربون الجيش الوطني باختصار بثلاثة أنواع: مجموعات إرهابية تحمل أفكاراً متطرفة وتتستّر برداء الدين وتنتمي إلى تنظيمات إرهابية كالإخوان المسلمين و”داعش” و”القاعدة” والجماعة الليبية المقاتلة، ولها فروع عدّة تحت مسميات مختلفة، هذه المجموعات تمكّنت من استغلال حالة الفوضى السياسية والأمنية التي أعقبت سقوط النظام السابق واستطاعت السيطرة على مفاصل الدولة ومراكز صنع القرار، وهدفها التمكين لفرض أيديولوجية متطرفة تستند إلى مراجع تكفيرية وتعمل على تحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية حسب وصفهم وتوظيف ثرواتها لدعم كل التنظيمات الإرهابية الأخرى على مستوى العالم. وهناك مجموعات أخرى لا تحمل أي أيديولوجية ويظل المال هو الهدف الأساسي لها، وهي تتألف من أعداد كبيرة من الشبان الذين استهواهم جمع المال بالقوة. والصنف الثالث هم المرتزقة الذين يستجلبهم المجلس الرئاسي من بعض الدول الأفريقية ويدرّ عليهم أموالاً طائلة لمحاربة الجيش، وليس لهم من هدف سوى المال”.

هل الهدف الهيمنة على الحكم؟

وعن اتهامه بان هدفه الهيمنة على الحكم، يرد قائد الجيش الوطني الليبي “الدعاية الإعلامية وتلفيق التهم ونشر الأكاذيب وقلب الحقائق هي من أدبيات وسلوكيات التنظيمات الإرهابية التي يحاربها الجيش، ويمارسها أيضاً ما يُسمى بالمجلس الرئاسي الخاضع لهذه التنظيمات، وهي مفضوحة أمام الليبيين، ومدعاة للسخرية. الساعون للحكم هم المتشبثون بالسلطة حتى بعد انتهاء فترة ولايتهم ويرفضون بلا خجل أو حياء، ترك مناصبهم والعودة إلى أعمالهم السابقة، هم الذين يدّعون الشرعية خارج إطار الدستور، ويعملون على عرقلة أي مسار يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي للسلطة. هم الذين يغرون الشباب والأطفال القصّر بالمال ليقاتلوا الجيش كي يبقوا هم في مقاعد السلطة، على الرغم من أنها سلطة وهمية صورية لم يصدرها الشعب الليبي، وهي في حكم العدم أمام القضاء. أما نحن، فهدفنا القضاء على الإرهاب واستعادة الوطن وسيادته، وصون كرامة المواطن الليبي، وأن نمهّد له الطريق ليرسم بإرادته الحرة خريطة حاضره ومستقبله. هدفنا أن يعيش المواطن عزيزاً سيداً في أرضه، يبني دولته بما يناسب تطلعاته من دون أي تدخل خارجي أو تهديد داخلي. دخول العاصمة لا يعني ظهور حاكم جديد، بل يعني بداية عصر جديد يطوي فيه الليبيون مآسي الماضي وينسون أحقادهم ويشمرّون فيه عن سواعدهم لبناء ليبيا الجديدة”.

هل العملية العسكرية موجهة إلى طرف سياسي بعينه كما تقول قيادات الرئاسي؟

“أولاً، يجب التوضيح أن ما يُسمى بالرئاسي ليس قيادة على الإطلاق، ولا هو رئاسي بالمفهوم العملي والواقعي، بل هو أداة لتنفيذ ما تُصدره له المجموعات الإرهابية والميليشياوية من أوامر. دوره تنفيذ الأوامر فقط، وتلقّي التوجيهات من قطر وتركيا ودول أخرى، ولا يملك أمامها إلاّ الطاعة والاستجابة. وعملياتنا العسكرية في طرابلس لا تستهدف أي كيان سياسي، ولم تكن وليدة لحظة، بل هي امتداد طبيعي لحرب تحرير شامل، بدأت مع انطلاق عملية الكرامة في منتصف مايو عام 2014. عملية الكرامة منذ انطلاقها كانت تهدف إلى تحرير كامل التراب الليبي من الإرهاب، ولم تتوقف هذه العملية منذ أن بدأت ولن تتوقف حتى تحقّق أهدافها كاملة. وشعارها لا مكان للإرهاب في ليبيا، ولا أمن ولا استقرار ولا دولة ما دام الإرهاب حيّاً في أرضنا. والإرهابيون وعصابات الميليشيات هم الآن في جبهة واحدة يحاربون الجيش، ونحن لا نفرّق بينهم في الميدان”.

وعن أبرز الحاجات التي يجب أن تتوفّر لقوات الجيش الليبي لمكافحة الإرهاب، يوضح حفتر أن “الجيش الليبي بدأ معركته ضد الإرهابيين بإمكانيات بسيطة جداً لا تكاد تُذكر، سواء من حيث عدد الضباط والجنود أو مستوى التسليح والإمكانيات المادية. وفي المقابل، تملك المجموعات الإرهابية ترسانة ضخمة من الأسلحة بمختلف أنواعها، وتستقبل أفواجاً من المقاتلين الإرهابيين المدرّبين من خارج البلاد بتسهيلات من السلطة القائمة في ذلك الوقت. وكان العالم يفرض علينا حظر التسليح، وعلى الرغم من ذلك، الجيش ينتصر في جميع معاركه ضد الإرهاب ولكن بثمن باهظ، وللأسف هذا الحظر ما زال قائماً، ولولاه لقضينا على الإرهاب منذ سنوات وبتكاليف أقل بكثير. ولاستكمال هذه المسيرة النضالية في زمن قياسي وبأقل التكاليف، يجب رفع الحظر فوراً. النقطة الثانية، يجب على العالم أن يتّخذ إجراءات صارمة تمنع تدفّق السلاح لدعم الإرهابيين”.

الدعم القطري للميليشيات

“هل الدعم القطري والتركي للميليشيات يعرقل الجيش الليبي”؟ يجزم المشير حفتر أن “هذا الدعم قد يؤخر موعد التحرير قليلاً، لكنه أبداً لن يغير النتيجة مهما بلغ حجمه، ومصيره التدمير. وفي حالات عدّة، كنا نستفيد من هذا الدعم لأنه غالباً ما يتحول إلى غنائم للجيش الوطني، وقد سبق لنا أن وجّهنا النصيحة لمن يدعمون الإرهاب ليختصروا الوقت والمسافة ويرسلوا السلاح لنا مباشرةً، لأنه في نهاية المطاف، سيقع في أيدينا”.

أما اتهامات “المجلس الرئاسي” بدعم دول أجنبية للجيش في معركة تحرير طرابلس؟ فيشير المشير لـ “اندبندنت عربية” إلى أنه “إذا كان دعم محاربة الإرهاب تهمة فنحن والدول التي تقف إلى جانبنا نقبلها بكل امتنان وسرور. الإرهاب في ليبيا لا يهدّد بلادنا فقط. ليبيا جزء من إقليم جغرافي تؤثر فيه وتتأثر به، وهذا الإقليم هو مركز العالم، والإرهاب لا حدود له. ومن حق الدول التي يهدد الإرهاب أمنها القومي واستقرارها ومصالحها الاستراتيجية أن تساند الجيش الوطني في محاربته له. هل يتصور الرئاسي أن تغض مصر مثلاً النظر عن تنظيمات أو خلايا إرهابية نشطة في ليبيا ونحن دولتان متجاورتان تمتد الحدود بينهما أكثر من 1000 كيلومتر؟ وإذا انتقل الإرهاب إلى مصر، ألا يؤثر هذا في أمن السعودية أو الإمارات أو الأردن مثلاً؟ الحرب ضد الإرهاب تتطلّب تظافر الجهود الدولية والتعاون الأمني والاستخباراتي المشترك حتى يتم القضاء عليه نهائياً”.

وردا على سؤال “ما ردكم على اتهامات بريطانيا وأعضاء المجلس الرئاسي بقصف الجيش الوطني منازل مدنيين”؟ في هذا السياق، يؤكد حفتر أنه “لا يمكن أن يتصور أحد أن بريطانيا أو أي دولة أخرى هي أحرص منا على سلامة مواطنينا. أما ما تسمّيه بالرئاسي، فهو لا يصرّح إلاّ بما يُملى عليه. نحن لا نطلق الصاروخ أو القذيفة نحو هدفها، إلاّ بعد التأكد من طبيعة الهدف، وأنه يشكّل مصدر تهديد لقواتنا المسلحة مثل تجمعات الإرهابيين والميليشيات ومخازن الذخيرة، وتتم عملية الإطلاق بدقة متناهية، ولو أننا لا نضع اعتباراً للمواطنين المدنيين، لحسمنا المعركة منذ ساعاتها أو أيامها الأولى. القصف العشوائي واستهداف منازل المواطنين ليس من طبيعة الجيوش النظامية المحترفة، هو سلوك قذر تلجأ إليه الميليشيات عندما يشتدّ عليها الخناق لتدّعي أن الجيش يقصف المدنيين. الميليشيات تقتل المواطنين في الشوارع أمام الناس وفي وضح النهار وبدم بارد، ولا يوجد أي رادع أخلاقي يمنعها من قصف الأحياء السكنية بالأسلحة الثقيلة. هذه عصابات إجرامية خارجة عن القانون، وارتكاب الجرائم هو منهجها في الحياة ووسيلتها في الحصول على المال وبسط النفوذ. لقد خاض جيشنا معركة تحرير بنغازي في أربع سنوات متتالية ولم نُصب فيها هدفاً مدنياً واحداً، وحرّرنا درنة معقل “داعش” من دون إصابة مدني واحد، وكذلك الحال بالنسبة إلى تحرير موانئ النفط والجنوب الليبي”.

وعن أبرز مسارات تهريب الأسلحة والمقاتلين، كشف أن “الخطوط البرية التي تمد الميليشيات بالسلاح قُطعت بالكامل، وهي تحت سيطرة ومراقبة قواتنا المسلحة، إلاّ أنّ خطوط الإمداد الجوية والبحرية ما زالت نشطة، وتدعمها تركيا وقطر بشكل متواصل جواً وبحراً عبر نقل السلاح بجميع أنواعه بما فيه الطائرات المسيّرة عن بعد والمقاتلين إلى ميناء أبوستة في طرابلس، وميناء مصراته والكلية الجوية في المدينة. وفي معظم الأحيان، ما إن تصل شحنات الدعم إلى مخازنها، حتى يتم قصفها وتدميرها. ويحتاج قطع هذه الخطوط إلى إمكانيات خاصة ومتطورة، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي الذي نحثه دائماً على ضرورة مراقبة هذه الخطوط ومنع وصول الأسلحة والمقاتلين عن طريقها إلى المجموعات الإرهابية، ونتوقع أن يتّخذ موقفاً موحداً يمنع هذا الدعم. ومن طرفنا، لن نتردد في قصف أي سفينة أو طائرة كلما أمكن ذلك، إذا ثبُت لنا أنها تحمل دعماً للميليشيات بالسلاح والذخيرة أو المقاتلين”.

مصير الدواعش

وعن هروب مئات “الدواعش” من سوريا، هل اتخذوا أي إجراءات لمنع تسلّلهم إلى ليبيا؟ يجيب حفتر “قواتنا المسلحة وأجهزتها الاستخباراتية وحرس الحدود البرية وأجهزة الأمن بصفة عامة في حالة تأهب تام، ولدينا دوريات تعمل على مدار الساعة لمراقبة الحدود على الرغم من أن الإمكانيات أقل من المستوى المطلوب، وقد تم إلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين أثناء محاولاتهم التسلّل إلى الأراضي الليبية. يضاف إلى ذلك أننا في إطار التعاون الأمني، نتبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الجوار، خصوصاً مع مصر وتشاد والنيجر لمنع أي تسلّل للإرهابيين عبر الحدود المشتركة”.

أما عن الموقف من مؤتمر برلين المزمع تنظيمه لحل الأزمة الليبية، يوضح المشير حفتر رداً على هذا السؤال أنه “مع أي تحرك دولي أو محلي يعمل بجدية على معالجة القضية الليبية، وإذا كُتب لهذا المؤتمر أن ينعقد، فإننا نتمنى له النجاح، ونقصد بالنجاح أن تؤدي مخرجاته إلى رفع معاناة الشعب الليبي. لا نعلم حتى الآن ما هي أجندة هذا المؤتمر، وفي قناعتي أن معالجة الوضع الليبي تبدأ بالقضاء على الإرهاب وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها. كل المؤتمرات السابقة فشلت بسبب إهمال هذه المسألة، واعتقدوا أن مجرد الجلوس إلى طاولة مفاوضات وإصدار اتفاق، سيؤديان إلى الحل. ثم سرعان ما يكتشفون أن الاتفاق هو حبر على ورق فقط. وما أن يظهر خلاف بسيط حتى يلجأ المستفيدون من حالة الفوضى إلى السلاح والعنف ونعود إلى المربع الأول. حتى اتفاق الصخيرات الذي هتف له العالم واعتقد أنه سيعالج الوضع الليبي. هل عالج الأزمة الليبية؟ أبداً، بل زادها تعقيداً، على الرغم من أننا نقدّر دور المملكة المغربية في استضافة الاجتماعات. لقد كان اتفاقاً كارثياً على البلاد والعباد، ولم يستفد منه إلاّ العملاء وحملة السلاح من الإرهابيين ومن على شاكلتهم من الميليشيات”.

بعثة الأمم المتحدة

يقول المشير حفتر عن أداء بعثة الأمم المتحدة برئاسة غسان سلامة خلال فترة عملها “البعثة هي للدعم فقط، وليس بمقدورها فرض أي رؤية. وحتى لو مُنحت صلاحية فرض واقع جديد، فإنها ستصطدم على الفور مع الميليشيات المسلحة التي تريد فرض استمرار الحال على ما هو عليه بقوة السلاح، لأن هذا الوضع مثالي بالنسبة إليها، حتى وإن كان مأساوياً على الليبيين. ولهذا نقول إن ما يقوم به الجيش، يساعد البعثة في أداء دورها ولا يعرقلها لأنه يخلق لها الأرضية الآمنة المستقرة والهادئة. البعثة دورها الدعم لكنها في ذاتها تحتاج إلى الدعم. ولا أحد ينكر المجهود الكبير الذي بذله السيد سلامة ومعاونوه، ولكن نحن نحكم بالنتائج. الأمر لا يحتاج إلى عقلية عبقرية لمعرفة أسباب الفشل. هناك أطراف مستفيدة من حالة الفوضى وتعمل على استمرارها وعرقلة أي تسوية بقوة السلاح. ومن جانب آخر، هناك مشروع لتدمير الهوية الوطنية والقومية، يحمل أجندة إرهابية متطرفة تكفيرية يريد أن يفرض نفسه بالقوة أيضاً. هذا هو التشخيص الدقيق للحالة الليبية. والجيش الوطني الليبي يتصدّى لكل ذلك. السيد سلامة الذي نكنّ له كل التقدير والاحترام، إذا فاته هذا التشخيص أو غفل عنه، فإنه لن يكون إلاّ رقماً عابراً في سلسلة طويلة من المبعوثين الأمميين، ونحن لا نتمنى له ذلك”.

هل سلّمت ليبيا إرهابيين أجانب إلى دول عربية وأجنبية؟ المشير حفتر كشف قائلاً “نحن نعمل مع عدد من الدول في المجال العسكري والاستخباراتي في إطار تعاون مشترك لمحاربة الإرهاب، ولدينا اتفاقيات دولية ولجان عمل مشتركة. ويدخل من بينها تسليم الإرهابيين من طرفنا ومن طرفهم وفق شروط محددة لا بد من توفرها. وقد سلّمنا حالات محدودة العدد وفق هذه الاتفاقيات بعدما تم استجوابهم من قبل الجهات المختصة لدينا”.

الفكر المتطرف الذي ينتشر

عن التيارات المتطرفة يوضح حفتر أن “هذا موضوع طويل وربما أفضل من يجيب عليه هم الأكاديميون المتخصصون في علم النفس والاجتماع والتعليم عموماً، وكذلك رجال الفقه الوسطيون المعتدلون، ليس على المستوى القطري فحسب، بل على مستوى العالم، لأن الحدود بين الدول لا تمنع الإرهاب والتطرف من الانتشار، خصوصاً بعد هذا التطور التقني المذهل في عالم الاتصالات. وأسباب التطرف الفكري عدّة، تدخل فيها مؤثرات وعوامل اقتصادية واجتماعية وتعليمية وإعلامية أيضاً. ومواجهته تعتمد على درجة التطرف. هناك أشخاص بلغوا من التطرف مستوى لا يمكن مواجهته بالحوار والفكر والإقناع والموعظة الحسنة. تحجّرت أذهانهم ونفسياتهم ولا وسيلة لتفادي شرورهم، إلاّ بالتحفظ عليهم وعزلهم عن المجتمع. وهناك من دفعه التطرف إلى حمل السلاح وتكفير المجتمع بأسره وقرّر قطع رؤوس البشر، ولا تملك معه إلاّ المواجهة بالقوة للقضاء عليه. وفي تقديري، مسؤولية مواجهة التطرف تقع على المجتمع بأسره وليس فقط على هيئات أو دوائر حكومية، وربما تكون الأسرة إحدى أهم أدوات المواجهة، وكذلك الإعلام يمكنه أن يسهم مساهمة كبيرة في الاتجاهين، اتجاه مواجهة التطرف أو انتشاره”.

إدانة تركيا

عن التدخل التركي في سوريا يقول حفتر “سوريا دولة عربية شقيقة وأي اعتداء عليها هو اعتداء على كل العرب، هذه هي ثقافتنا ومبادؤنا، ولولا العاصفة التي هزت سوريا وحالة التشرذم في الوطن العربي، لما تجرّأت تركيا على هذا العدوان. وما يصدر من استنكار وتنديد هنا وهناك، لا يسمن ولا يغني من جوع. المطلوب هو موقف دولي حازم يوقف هذا العدوان وهذا الطغيان التركي الذي تمتد شروره إلى أراضينا هنا في ليبيا بدعمها الإرهابيين بكل أنواع الأسلحة. ولكن المقاومة المسلحة الصبورة داخل الأراضي السورية، ستهزم القوات التركية وتردّها على أعقابها طال الزمن أو قصر، وعلى الدول العربية ما دامت عاجزة على رد العدوان بالقوة أن تقاطع منتجات تركيا وتلغي أي اتفاقيات معها من أي نوع وهو أضعف الإيمان إلى أن تغادر وحداتها العسكرية سوريا وتتحمل مسؤولية أي تبعات ناتجة من هذا العدوان السافر”.

المستقبل

المشير حفتر يملك نظرة تفاؤل عن المستقبل فبرأيه “الشعب الليبي مرَّ بحقبٍ عديدة كلها معاناة، وما يعانيه اليوم تجاوز كل التصورات، وليبيا منّ الله عليها بثروات طبيعية هائلة، ولا يوجد أي مجال للمقارنة بين حجم الثروة والمستوى المعيشي للمواطن في جميع مناحي الحياة. هناك دول عدّة مواردها الطبيعية أقل بكثير من مواردنا وعلى الرغم من ذلك، فإن المستوى المعيشي للفرد فيها أفضل من حالنا بكثير. هذا أمر مؤسف للغاية. المواطن الليبي أصبح فاقداً أبسط حقوقه المعيشية والإنسانية. وما نطمح إليه هو أن نزيل كل العوائق التي تمنعه من استثمار ثرواته وأن يحيا عزيزاً كريماً ويتمتع بحقوقه كاملة. نتطلع إلى عصر جديد يمحو كل ما قبله، عصر خال من العنف والتطرف والكراهية، يعمل فيه الليبيون تحت سلطة القانون، وتتكاتف فيه جهودهم من أجل بناء دولة حرة ديمقراطية مدنية ذات سيادة، لا يُشهر فيها السلاح في وجه المواطن لقمعه أو المساس بكرامته. السلاح فيها تحت سلطة الدولة التي مهمتها خدمة المواطن لا التسلّط عليه. السلاح تملكه الدولة لتدافع به عن الوطن والمواطن وليس أداة للقهر والاستبداد. نتطلع إلى أن يتصالح الليبيون مع أنفسهم وينسوا أحقادهم ويفكروا بما يفيد حاضرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم، وأن يفرضوا احترام العالم لهم، لا أن يتعرّضوا للذل والإهانة والتمييز في جميع مطارات العالم وكأنهم دون مستوى البشر”.

ويتابع حفتر “نتطلع إلى تغيير هذا الواقع المرير إلى واقع يشعر فيه المواطن بقيمته كإنسان ويؤدي رسالته في الحياة وهو راض عن نفسه. نتطلع إلى أن يعمَّ السلام بلادنا، وأن يكون القانون والعرف الاجتماعي والحوار الهادئ وتعاليم الدين الإسلامي السمحة هي الوسيلة لفض أي خلاف أو نزاع قد ينشأ بين أبناء الوطن الواحد. نتطلع إلى نهضة تنموية شاملة تؤدي إلى ازدهار الحياة عن طريق استثمار ثرواتنا في الإعمار والبناء والتطوير ومواكبة العالم، والتركيز على العلم والمعرفة وعلى طاقات الشباب ذكوراً وإناثاً من دون تمييز. هذه كلها ليست مجرد أحلام، بل غايات ورؤى يبدأ العمل على تنفيذها بتحقيق الأمن والاستقرار أولاً، وهذا ما نقوم به الآن”.

كلمته لأهل طرابلس

يختم المشير خليفة حفتر كلامه لـ “اندبندنت عربية”، قائلاً “الشعب الليبي يعرف رسائلنا جيداً من خلال ما يحققه الجيش الوطني على الأرض وما قدّم من تضحيات. ونقول له إنّ الآتي أفضل بإذن الله، وإنّ هذا الوضع الذي تمر به البلاد سينتهي قريباً بعونه تعالى، لندخل مرحلة جديدة يؤسس فيها الشعب دولته تحت حماية قواته المسلحة وأجهزة الأمن المختلفة وهو مرفوع الرأس. شعبنا يعرف عدوه الذي دمّر حياته وحوّلها إلى شقاء وبؤس، ومارس ضده العنف ونهب ثرواته واستهان بكرامته. شعبنا يميّز بين الخونة والعملاء الذي باعوا الوطن والشرفاء الذين يناضلون من أجل الكرامة والسيادة الوطنية ويضحّون بأرواحهم فداء للوطن. نطمئن كل الليبيين بأننا سنعيد الأمور إلى نصابها قريباً بإذن الله”.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة قد حذر من أن تؤدّي المعركة الدائرة في العاصمة طرابلس إلى حرب طويلة، داعياً إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف تدفق الأسلحة، الذي يؤجج القتال في البلاد. وقال سلامة، أمام مجلس الأمن الدولي في يونيو الماضي، إنّ “العنف على مشارف طرابلس هو مجرد بداية حرب طويلة ودامية على السواحل الجنوبية للمتوسط، ما يعرض للخطر أمن الدول المجاورة لليبيا ومنطقة المتوسط بشكل أوسع”.