15.1 C
بنغازي
2024-03-19
مقالات رأي

الصحفي السعودي فارس بن حزام يكتب: “بيشاور، البوكمال، باب الهوى، والآن بن قردان!”

الصحفي السعودي فارس بن حزام يكتب: "بيشاور، البوكمال، باب الهوى، والآن بن قردان!" - CV3 pnvXIAALz8n

بقلم- فارس بن حزام

مضى أول شهر على معركة طرابلس، ويبدو أننا سنعيش وقتاً أطول بكثير مما قدّره الجيش الوطني، ما يفتح الباب أمام شبكات التجنيد، لترفد تنظيماً مثل “داعش” بمزيد من الإرهابيين، فتاريخنا المعاصر والقريب يذكرنا بحروب مشابهة، استوطن فيها الإرهاب، وتغذى عبر بوابات دولية وبوابة التنظيم في ليبيا هي تونس.

وتونس، إذ تعيش وقتاً صعباً، بتمركز جيشها على الحدود منذ 2011، تعرف جيداً أن مدينة صغيرة مثل بن قردان أخطر تحديات البلاد، وأن مسافة نحو 500 كلم تحدها مع ليبيا شاقة تماماً، مشقة معاركها الداخلية والمديدة مع الإرهابيين في جبل الشعانبي غرباً. وبن قردان تطل على البلد المنهار عبر 100 كلم ومنفذين: رأس جدير المحاذي والذهيبة البعيد قليلاً جنوبها، والأخير تحت حكم حزب “النهضة”، أي جماعة “الإخوان”، المتهمة رسمياً أنها أكبر وكالة سفر وسياحة بعثت بشباب تونس إلى سورية والعراق.

وحالة بن قردان في تونس اليوم تعيدنا إلى الثمانينات، عندما كانت بيشاور الباكستانية بوابة الإرهابيين إلى أفغانستان، ومع غزو العراق صارت البوكمال في سورية بوابتهم إلى العراق، ومع ثورة الشام فتحت تركيا لهم “باب الهوى”، وفي الحالات الثلاث الموثقة، لعبت السياسة دورها، فشهدنا رضاً باكستانيا سورياً تركياً، وقد بلغ حد الرعاية الشاملة لكل الراغبين بالقتال والالتحاق بساحات الإرهاب، فأقيمت البيوت الآمنة، وسُهلت طرق المسلحين الوافدين من كل مكان، وتحت نظر الاستخبارات تسللوا، وجعلوا من تلك المدن استراحات لهم، للتدريب والطبابة واستقبال التبرعات، على عكس الحالة التونسية اليوم. فالوضع السياسي في تلك الدول الثلاث كان مستقراً، والكلمة واحدة للدولة المركزية، أما تونس فمشرذمة سياسياً، وقوى التطرف لها كلمة واضحة؛ مثل “النهضة” وملحقاتها الفكرية من الإسلاميين.

وأكثر ما يؤذي تونس أن بن قردان ميناء بري صريح للتهريب؛ النفط والبضائع، وطالما اشتكت من تهريب السلع المدعومة إلى ليبيا؛ لأن الطلب عليها عالٍ في بلد الحرب الدائمة، وينشط التجار بكثافة بين البلدين، وللوقود سوق سوداء واسعة. ولكون مؤسسات الدولة في انشغال تام لمواجهة تهريب السلع والوقود؛ تستغل شبكات الإرهاب الوضع وتهرب مجنديها.

إن النزف البطيء والمستمر في معركة طرابلس، وتشريد تنظيمات الإرهاب في سورية والعراق، ومصلحة دول عربية وإقليمية في بقاء العاصمة الليبية خارج قبضة الجيش، كل ذلك قد ينبئ بعودة تدفق الإرهابيين إلى ليبيا، ولذا فإن العبء ثقيل على الجيش التونسي، ودعمه عربياً ودولياً واجب.