17.9 C
بنغازي
2025-12-17
ليبيا

المستشار صالح: البرلمان وحده المخوّل بإقرار الاتفاقيات الدولية

المستشار صالح: البرلمان وحده المخوّل بإقرار الاتفاقيات الدولية - psd elenwan 2 12

العنوان-بنغازي

شدّد رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، على أن السلطة التشريعية لن تسمح بتمرير أو فرض أي اتفاقية بحرية على ليبيا خارج القواعد الدستورية المعتمدة، مؤكدًا أن مجلس النواب هو الجهة الوحيدة المخوّلة قانونًا باعتماد المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأن أي اتفاق لا يُعرض عليه ولا ينال مصادقته يُعد منعدم الأثر القانوني.

وأوضح المستشار عقيلة صالح، في حوار مع وكالة الأنباء الليبية «وال»، أن الاتفاقية البحرية الموقّعة بين حكومة فايز السراج وتركيا تفتقر إلى الشرعية القانونية، نظرًا لعدم نيل تلك الحكومة ثقة مجلس النواب وعدم تمتعها بغطاء دستوري يخولها إبرام اتفاقيات دولية بهذا الحجم.

وأكد أن تلك الاتفاقية لم تُحال إلى البرلمان لاعتمادها، مشددًا على أن أي إجراء يُبنى على أساس غير قانوني يظل باطلًا مهما طال الزمن، لافتًا إلى أن هذه الحقيقة معروفة لدى المجتمع الدولي.

وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن المواقف الدولية من الاتفاقية تباينت، حيث أدركت بعض الدول عدم مشروعيتها، في حين تعاملت دول أخرى معها كأمر واقع بدوافع سياسية، مؤكدًا أن تغيّر الحكومات لا يمس ثبات الشرعية الدستورية.

كما أشار إلى أن اليونان أبدت مؤخرًا رغبة في فتح باب الحوار، بينما كان موقف مصر منذ البداية واضحًا برفض الاتفاق لما يحمله من مخاطر على استقرار المنطقة، في وقت أبدت فيه تركيا استعدادها للدخول في مفاوضات شاملة مع ليبيا.

وبيّن المستشار عقيلة صالح أن ليبيا لا تعارض إبرام اتفاقيات مع أي دولة، بما في ذلك تركيا، شريطة أن يتم ذلك عبر حكومة شرعية معتمدة، وأن تستند هذه الاتفاقيات إلى دراسات فنية يعدّها مختصون، قبل إحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها، بعد التأكد من ضبط الحدود البحرية الليبية وصونها من أي اعتداء.

وفيما يخص الموقف اليوناني، أوضح أن اعتماد أثينا على الجزر القريبة من السواحل الليبية، وعلى رأسها جزيرة كريت، في رسم المنطقة الاقتصادية الخالصة، يمنحها امتدادًا بحريًا غير مبرر على حساب الحقوق الليبية، مؤكدًا أن القانون الدولي لا يساند مثل هذه الطروحات. وكشف عن تكليف لجان فنية متخصصة بإعداد تقرير متكامل يتناول الجوانب الفنية والجيوسياسية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية مع مختلف الدول المعنية.

وأكد أنه أبلغ الجانب اليوناني، إلى جانب الأطراف الأخرى، بأن أي تفاهم أو اتفاق لا بد أن يتم عبر حكومة شرعية منبثقة عن مجلس النواب، وأن يُعرض في صيغته النهائية على البرلمان للمصادقة عليه وفق المسار الدستوري السليم.

وحول تقييمه لتداعيات الاتفاقية خلال السنوات الماضية، قال رئيس مجلس النواب إنها أسهمت في إحداث ارتباك داخلي وأزمة إقليمية، وأقحمت ليبيا في صراعات إقليمية دون رؤية وطنية موحدة، مؤكدًا أن العمل جارٍ حاليًا لمعالجة آثار هذا الخطأ وتحويله إلى فرصة تحافظ على المصالح الليبية، مستندة إلى الموقع الاستراتيجي للبلاد في شرق البحر المتوسط.

وشدّد المستشار عقيلة صالح على أن ليبيا دولة مستقلة وليست تابعة لأي محور إقليمي، ولا تقبل أن تكون أداة في صراعات الآخرين، موضحًا أن علاقاتها مع مصر واليونان وتركيا تقوم على الحوار المتوازن وحماية المصالح الوطنية، دون انحياز كامل لأي طرف.

وأكد أن السيادة الليبية، وفي مقدمتها الحدود البحرية، تمثل خطًا أحمر لا يقبل التفريط أو المساومة، موضحًا أن النقاش يمكن أن يقتصر فقط على الجوانب الفنية أو البروتوكولية، دون المساس بالحقوق السيادية للدولة.

وبيّن أن أي حوار مرتقب مع الدول المعنية سيُبنى على ثلاثة مسارات رئيسية، تشمل المسار الفني المتعلق بترسيم الحدود، والمسار القانوني لدراسة الاتفاقيات والمعايير الدولية، والمسار السياسي لضمان توازن المصالح، معتبرًا أن هذا النهج كفيل بالتوصل إلى اتفاق عادل ومستدام.

وفيما يتعلق بحالة الجدل الداخلي حول هذا الملف، أرجع رئيس مجلس النواب أسبابها إلى نقص المعلومات، مؤكدًا اعتماد مبدأ الشفافية الكاملة، وأن أي اتفاق أو وثيقة ستُعرض على البرلمان للنقاش العلني، دون صفقات أو تفاهمات غير معلنة.

ووجّه المستشار عقيلة صالح رسالة إلى الليبيين، أكد فيها أن مجلس النواب لن يوافق إلا على ما يحمي البلاد ويصون حقوقها، وأن القرارات تُتخذ على أساس المعرفة والمصلحة الوطنية، مشددًا على أن ليبيا تقف اليوم أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء سياستها البحرية في البحر المتوسط، وأن البرلمان سيكون الضامن التشريعي لحقوق الشعب الليبي.