العنوان
أكدت بالهيئة التاسيسية لصياغة مشروع الدستور أنه لا سبيل لإخراج ليبيا من هذه الأنفاق المظلمة التي سجنت فيها مع سبق الإصرار والترصد؛ إلا بالرجوع إلى الخارطة الدستورية.
وطالبت الهيئة في بيان لها بمناسبة الذكرى السادسة لإقرار مشروع الدستور الذي وافق 9 يوليو 2023 بضرورة العمل على إكمال الخارطة الدستورية بالاستفتاء على مشروع الدستور الذي أكدت المحكمة العليا في حكمها الشهير سلامته من كل العيوب الإجرائية.
واوضحت الهيئة أن هذا هو الطريق المعرف، والمحدد المعالم، والذي يمكن من خلاله وضع حد للأضرار الجسمية التي لحقت بليبيا وبشعبها نتيجة لإنفاذ الإرادات الخارجية وإرادات المتنفذين في الداخل على حساب الإرادة الشعبية.
واعتبرت الهيئة أن عرقلة الاستفتاء على مشروع الدستور والحؤول دون الليبيين وإقرارهم دستور لبلادهم كان بفعل مسارات خطيرة غير مشروعة، وغير مسبوقة في تجارب الأمم أُدخلت على الخارطة الدستورية، ومنعت من وضع نهاية لها.
وأفادت الهيئة أن كان كل ذلك بهندسة في دواليب البعثة الأممية، وبتأييد من الأجسام القائمة، وبدعم من عدد من فاعلين في الواقع ساهموا بوصف مشروع الدستور بأقبح الأوصاف بعيدا عن النقد الموضوعي.
وذكرت هيئة الدستور أن هؤلاء الفاعلين نسبوا إلى مشروع الدستور ما ليس فيه ورغم ما كان من نتائج كارثية واضحة لهذه التعرجات التي فرضتها البعثة بدعم من أصحاب مصالح خاصة وربما شخصية – ضيقة من الخارج والداخل، وضربت بأحكام المسار الدستوري عرض الحائط، والتي منها على سبيل المثال الانقسام المؤسساتي الذي كلف ويكلف الكثير.
واستطرد الهيئة :”إلا أن الذين عرقلوا الاستفتاء لا زالوا يصرون على مواقفهم، ويدفعون بحجج لا تتفق مع السياق الممكن لبناء الدول، ولا مع طبيعة الأشياء، ومنها حجة البحث عن الإجماع، أو عن الحلول المثالية ودون أن يحددوا ما يمكن أن يكون محلا للإجماع، أو ما هو مثالي، واستمروا بالدفع بتصورات لن تزيد البلاد إلا انقساما والقوى الخارجية إلا تمكينا”.
وذكرت الهيئة أن هذه الحال التي نراها واضحة وضوح الشمس في قارعة النهار، ويجب أن تراها البعثة على هذا النحو من الوضوح وتقر بعواقبها؛ متى نهجت النهج الموضوعي الصرف، وانطلقت من احترام ميثاق الأمم المتحدة وطبيعة مهامها في ليبيا.
ولفتت إلى أنه عند وصول الخارطة الدستورية إلى نقطة النهاية، والتي هي الاستفتاء على مشروع تقره الهيئة التأسيسية المنتخبة، ظهرت الأمور على حقيقتها، وتبين بشكل واضح لا لبس فيه أنه ليس من أهداف البعثة الأممية البحث عن قرار الشعب الليبي ودعم تنفيذه، والذي لا يمكن معرفته إلا عبر صناديق الانتخاب والاستفتاء.
وأكدت أن ما تسعى له هذه الأخيرة هو إدارة المراحل الانتقالية المتعاقبة إلى غايات ليس منها الانتقال ببلادنا إلى مرحلة الوحدة والاستقرار والتداول السلمي على السلطة.
وتابعت الهيئة أنه بدل أن تساعد البعثة في فتح الباب أمام الليبيين للإفصاح عن حكمهم على عمل الهيئة المنتخبة عبر استفتاء عام، عملت على إحكام قفله، وخضعت لإملاءات اللاعبين الدوليين وموجبات مصالحهم، والتي لا تتفق مع مصالح الليبيين.
وأوضحت هيئة صياغة الدستور أن جاء هذا وفق ما يقدمه لنا الواقع من أدلة لا يعتريها أي شك، ومن السهل على كل متبصر فيما حدث من تاريخ 2017/7/29 إلى اليوم تعدادها وإدراك ما تحمله من يقين.
وأفادت أنه تبين أيضا وعلى نحو قاطع أن كثيرا من المتنفذين والفاعلين الليبيين الذين لم يتوقفوا على المناداة باحترام الإرادة الشعبية والانصياع لها يبدون ما لا يخفون، وأنهم لا يقبلون إلا بديمقراطية على المقاس ولا يمكن لهم التسليم بنتائج أي عملية ديمقراطية تأسيسية أو غيرها.
وواصلت الهيئة أن هذا الخلل عميق عند المتصدرين والمتحكمين في المشهد السياسي والإعلامي، والذين لا يختلفون في تصوراتهم عن أي نظام قمعي استبدادي، ولا يريدون أن يحكم الشعب بغير ما يريدون، رغم ما أظهروه في السابق من خلاف لذلك فى وقت كانوا فيه بعيدين عن مراكز التأثير، وهو ما يؤكد أن ما كان تنطق به ألسنتهم كان مجرد وسيلة للحلول محل من سبقوهم.